فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الشوكاني:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}
قال المفسرون: نزلت {يا أيها الذين ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء} في حاطب بن أبي بلتعة حين كتب إلى مشركي قريش يخبرهم بمسير النبيّ صلى الله عليه وسلم إليهم، وسيأتي ذكر القصة آخر البحث إن شاء الله، وقوله: {عَدُوّى} هو المفعول الأوّل {وَعَدُوَّكُمْ} معطوف عليه، والمفعول الثاني أولياء، وأضاف سبحانه العدوّ إلى نفسه تعظيمًا لجرمهم، والعدوُّ مصدر يطلق على الواحد، والاثنين، والجماعة، والآية تدلّ على النهي عن موالاة الكفار بوجه من الوجوه {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بالمودة} أي: توصلون إليهم المودّة على أن الباء زائدة، أو هي سببية.
والمعنى: تلقون إليهم أخبار النبيّ صلى الله عليه وسلم بسبب المودّة التي بينكم وبينهم.
قال الزجاج: تلقون إليهم أخبار النبيّ صلى الله عليه وسلم وسرّه بالمودّة التي بينكم وبينهم، والجملة في محل نصب على الحال من ضمير تتخذوا؛ ويجوز أن تكون مستأنفة؛ لقصد الإخبار بما تضمنته، أو لتفسير موالاتهم إياهم، ويجوز أن تكون في محل نصب صفة لأولياء، وجملة {وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَاءكُمْ مّنَ الحق} في محل نصب على الحال من فاعل تلقون، أو من فاعل لا تتخذوا، ويجوز أن تكون مستأنفة؛ لبيان حال الكفار.
قرأ الجمهور: {بما جاءكم} بالباء الموحدة.
وقرأ الجحدري، وعاصم في رواية عنه: {لما جاءكم} باللام، أي: لأجل ما جاءكم من الحق على حذف المكفور به، أي: كفروا بالله والرسول لأجل ما جاءكم من الحق، أو على جعل ما هو سبب للإيمان سببًا للكفر توبيخًا لهم {يُخْرِجُونَ الرسول وإياكم} الجملة مستأنفة لبيان كفرهم، أو في محل نصب على الحال، وقوله: {أَن تُؤْمِنُواْ بالله رَبّكُمْ} تعليل للإخراج، أي: يخرجونكم لأجل إيمانكم، أو كراهة أن تؤمنوا {إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا في سَبِيلِي وابتغاء مَرْضَاتِي} جواب الشرط محذوف، أي: إن كنتم كذلك، فلا تلقوا إليهم بالمودّة، أو إن كنتم كذلك، فلا تتخذوا عدوّي وعدوّكم أولياء، وانتصاب {جهادًا} {وابتغاء} على العلة، أي: إن كنتم خرجتم لأجل الجهاد في سبيلي؛ ولأجل ابتغاء مرضاتي، وجملة: {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بالمودة} مستأنفة للتقريع والتوبيخ، أي: تسرّون إليهم الأخبار بسبب المودّة، وقيل: هي بدل من قوله: {تُلْقُونَ}.
ثم أخبر سبحانه بأنه لا يخفى عليه من أحوالهم شيء، فقال: {وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ} والجملة في محل نصب على الحال، أي: بما أضمرتم وما أظهرتم، والباء في {بما} زائدة، يقال: علمت كذا، وعلمت بكذا، هذا على أن أعلم مضارع، وقيل: هو أفعل تفضيل، أي: أعلم من كل أحد بما تخفون وما تعلنون {وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السبيل} أي: من يفعل ذلك الاتخاذ لعدوّي وعدوّكم أولياء، ويلقي إليهم بالمودّة، فقد أخطأ طريق الحق والصواب، وضلّ عن قصد السبيل.
{إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَاء} أي: إن يلقوكم ويصادفوكم يظهروا لكم ما في قلوبهم من العداوة، ومنه المثاقفة، وهي طلب مصادفة الغرّة في المسابقة، وقيل المعنى: إن يظفروا بكم، ويتمكنوا منكم، والمعنيان متقاربان {وَيَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بالسوء} أي: يبسطوا إليكم أيديهم بالضرب ونحوه، وألسنتهم بالشتم ونحوه {وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ} هذا معطوف على جواب الشرط أو على جملة الشرط والجزاء، ورجح هذا أبو حيان، والمعنى: أنهم تمنوا ارتدادهم، وودّوا رجوعهم إلى الكفر.
{لَن تَنفَعَكُمْ أرحامكم وَلاَ أولادكم} أي: لا تنفعكم القرابات على عمومها، ولا الأولاد، وخصهم بالذكر مع دخولهم في الأرحام لمزيد المحبة لهم، والحنوّ عليهم، والمعنى: أن هؤلاء لا ينفعونكم حتى توالوا الكفار لأجلهم، كما وقع في قصة حاطب بن أبي بلتعة، بل الذي ينفعكم هو ما أمركم الله به من معاداة الكفار، وترك موالاتهم، وجملة: {يَوْمَ القيامة يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ} مستأنفة لبيان عدم نفع الأرحام والأولاد في ذلك اليوم ومعنى {يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ}: يفرّق بينكم، فيدخل أهل طاعته الجنة، وأهل معصيته النار.
وقيل: المراد بالفصل بينهم أنه يفرّ كلّ منهم من الآخر من شدّة الهول، كما في قوله: {يَوْمَ يَفِرُّ المرء مِنْ أَخِيهِ} الآية [عبس: 34] الآية.
قيل: ويجوز أن يتعلق يوم القيامة بما قبله، أي: لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة فيوقف عليه.
ويبتدأ بقوله: {يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ} والأولى أن يتعلق بما بعده، كما ذكرنا {والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} لا يخفى عليه شيء من أقوالكم وأفعالكم، فهو مجازيكم على ذلك.
قرأ الجمهور: {يفصل} بضم الياء، وتخفيف الفاء، وفتح الصاد مبنيًا للمفعول، واختار هذه القراءة أبو عبيدة.
وقرأ عاصم بفتح الياء، وكسر الصاد مبنيًا للفاعل، وقرأ حمزة، والكسائي بضم الياء، وفتح الفاء، وكسر الصاد مشدّدة، وقرأ علقمة بالنون، وقرأ قتادة، وأبو حيوة بضم الياء، وكسر الصاد مخففة.
وقد أخرج البخاريّ، ومسلم، وغيرهما عن عليّ بن أبي طالب قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا، والزبير، والمقداد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب، فخذوه منها فأتوني به»، فخرجنا حتى أتينا الرّوضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا أخرجي الكتاب، قالت: ما معي من كتاب، فقلنا: لتخرجنّ الكتاب، أو لتلقينَّ الثياب، فأخرجته من عقاصها، فأتينا به النبيّ صلى الله عليه وسلم، فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين بمكة يخبرهم ببعض أمر النبيّ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «ما هذا يا حاطب»؟ قال: لا تعجل عليّ يا رسول الله، إني كنت امرأ ملصقًا في قريش، ولم أكن من أنفسها، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم، وأموالهم بمكة، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أصطنع إليهم يدًا يحمون بها قرابتي، وما فعلت ذلك كفرًا، ولا ارتدادًا عن ديني، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «صدق»، فقال عمر: دعني أضرب عنقه.
فقال: «إنه شهد بدرًا، وما يدريك لعلّ الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم» ونزلت {يا أيها الذين ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بالمودة}.
وفي الباب أحاديث مسندة ومرسلة متضمنة لبيان هذه القصة، وأن هذه الآيات إلى قوله: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ في إبراهيم} نازلة في ذلك. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}
اتفق المفسرون وثبت في (صحيح الأحاديث) أن هذه الآية نزلت في قضية الكتاب الذي كتب به حاطب بن أبي بلتعة حليف بني أسد بن عبد العُزّى من قريش.
وكان حاطب من المهاجرين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أهل بدر.
وحاصل القصة مأخوذة مما في (صحيح الآثار) ومشهور السيرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد تجهّز قاصدًا مكة.
قيل لأجل العمرة عام الحديبية، وهو الأصح، وقيل لأجل فتح مكة وهو لا يستقيم، فقدمتْ أيامئذٍ من مكة إلى المدينة امرأة تسمّى سارة مولاةٌ لأبي عَمرو بن صيفي بن هاشم بن عبد مناف وكانت على دين الشرك فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنتم الأهل والموالي والأصل والعشيرة وقد ذهب الموالي (تعني من قُتل من مواليها يوم بدر).
وقد اشتدت بي الحاجة فقدمتُ عليكم لتعطوني وتكسوني فحث رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب وبني المطلب على إعطائها، فكسوها وأعطوها وحملوها، وجاءها حاطب بن أبي بلتعة فأعطاها كتابًا لتبلغه إلى من كتب إليهم من أهل مكة يخبرهم بعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخروج إليهم، وآجرها على إبلاغه فخرجت، وأوحى الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك، فبعث عليًّا والزبير والمقدادَ وأبا مرثد الغَنوي، وكانوا فرسانًا.
وقال: «انطلقوا حتى تأتوا رَوضة خَاخٍ، فإنّ بها ظعينة ومعها كتاب من حاطب إلى المشركين فخذوه منها وخلّوا سبيلها».
فخرجوا تتعادى بهم خيلهم حتى بلغوا روضة خاخ فإذا هم بالمرأة.
فقالوا: أخرجي الكتاب، فقالت: ما معي كتاب، فقالوا: لتخرجنَّ الكتاب أو لَنُلْقِيّنَ الثّياب (يعنون أنهم يجردونها) فأخرجته من عقاصها، وفي رواية من حُجْزتها.
فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا حاطب ما هذا؟» قال: لا تعجل عليَّ يا رسول الله. فإني كنت امرأ ملصقًا في قريش وكان لمن كان معك من المهاجرين قرابات يحمون بها أهليهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يدًا يحمُون بها قرابتي (يريد أمه وإخوته)، ولم أفعله كُفرًا ولا ارتدادًا عن ديني ولا رضًا بالكفر بعد الإِسلام.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم «صَدقَ».
فقال عمر: دعني يا رسول الله أضربْ عنق هذا المنافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنه قد شهد بدرًا وما يُدريك لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» وقال: «لا تقولوا لحاطب إلاّ خيرًا» فأنزل الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} الآيات.
والظاهر أن المرأة جاءت متجسسة إذ ورد في بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤمِّن يوم الفتح أربعةً منهم هذه المرأة لكن هذا يعارضه ما جاء في رواية القصة من قول النبي صلى الله عليه وسلم «خذوا منها الكتاب وخَلُّوا سبيلها».
وقد وجه الخطاب بالنهي إلى جميع المؤمنين تحذيرًا من إتيان مثل فعل حاطب.
والعدوّ: ذو العداوة، وهو فعول بمعنى فاعل من: عدا يعدو، مثل عفوّ.
وأصله مصدر على وزن فعول مثل قَبول ونحوه من مصادر قليلة.
ولكونه على زنة المصادر عومل معاملة المصدر فاستوى في الوصف به المذكر والمؤنث والواحد والمثنى والجمع.
قال تعالى: {فإنهم عدو لي} [الشعراء: 77]، وتقدم عند قوله تعالى: {فإن كان من قوم عدو لكم} في سورة [النساء: 92].
والمعنى: لا تتخذوا أعدائي وأعداءكم أولياء.
والمراد العداوة في الدين فإن المؤمنين لم يبدأوهم بالعداوة وإنما أبدى المشركون عداوة المؤمنين انتصارًا لشركهم فعدُّوا من خرجوا عن الشرك أعداء لهم.
وقد كان مشركو العرب متفاوتين في مناواة المسلمين فإن خزاعة كانوا مشركين وكانوا موالين النبي.
فمعنى إضافة عدوّ إلى ياء التكلم على تقدير: عدوّ ديني، أو رسولي.
والاتخاذ: افتعال من الأخذ صيغ الافتعال للمبالغة في الأخذ المجازي فأطلق على التلبس والملازمة.
وقد تقدم في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم} في سورة [النساء: 71].
ولذلك لزمه ذكر حال بعد مفعوله لتدل على تعيين جانب المعاملة من خير أو شر.
فعومل هذا الفعل معاملة صيَّر.
واعتبرت الحال التي بعده بمنزلة المفعول الثاني للزوم ذكرها وهل المفعول الثاني من باب ظن وأخواته إلا حال في المعنى، وقد تقدم عند قوله تعالى: {أتتخذ أصنامًا إلهة} في سورة [الأنعام: 74].
وجملة {تلقون إليهم بالمودة} في موضع الحال من ضمير {لا تتخذوا}، أو في موضع الصفة لـ: {أولياء} أو بيان لمعنى اتخاذهم أولياء.
ويجوز أن تكون جملة في موضع الحال من ضمير {لا تتخذوا} لأن جعلها حالًا يتوصل منه إلى التعجيب من إلقائهم إليهم بالمودة.
والإِلقاء حقيقته رمي ما في اليد على الأرض.
واستعير لإيقاع الشيء بدون تدبر في موقعه، أي تصرفون إليهم مودتكم بغير تأمل.
قال تعالى: {فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون} في سورة [النحل: 86].
والباء في {بالمودة} لتأكيد اتصال الفعل بمفعوله.
وأصل الكلام: تلقون إليهم المودة، كقوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة: 195] وقوله: {وامسحوا برؤوسكم} [المائدة: 6] وذلك تصوير لقوة مودتهم لهم.
وزيد في تصوير هذه الحالة بجملة الحال التي بعدها وهي {وقد كفروا بما جاءكم من الحق} وهي حال من ضمير {إليهم} أو من {عدوي}.
{وما جاءكم من الحق} هو القرآن والدين فذكر بطريق الموصولية ليشمل كل ما أتاهم به الرسول صلى الله عليه وسلم على وجه الإِيجاز مع ما في الصلة من الإِيذان بتشنيع كفرهم بأنه كفر بما ليس من شأنه أن يكفر به طلاب الهدي فإن الحق محبوب مرغوب.
وتعدية جاء إلى ضمير المخاطبين وهم الذين آمنوا لأنهم الذين انتفعوا بذلك الحق وتقبلوه فكأنه جاء إليهم لا إلى غيرهم وإلاّ فإنه جاء لدعوة الذين آمنوا والمشركين فقبله الذين آمنوا ونبذه المشركون.
وفيه إيماء إلى أن كفر الكافرين به ناشئ عن حسدهم الذين آمنوا قبلهم.
وفي ذلك أيضًا إلهاب لقلوب المؤمنين ليحذروا من موالاة المشركين.
وجملة {يخرجون الرسول وإياكم} حال من ضمير {كفروا}، أي لم يكتفوا بكفرهم بما جاء من الحق فتلبسوا معه بإخراج الرسول صلى الله عليه وسلم وإخراجكم من بلدكم لأنْ تؤمنوا بالله ربكم، أي هو اعتداء حملهم عليه أنكم آمنتم بالله ربكم.
وأن ذلك لا عذر لهم فيه لأن إيمانكم لا يضيرهم.
ولذلك أجري على اسم الجلالة وصف ربِّكم على حدّ قوله تعالى: {قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد} [الكافرون: 1 3] ثم قال: {لكم دينكم ولي دين} [الكافرون: 6].
وحكيت هذه الحالة بصيغة المضارع لتصوير الحالة لأن الجملة لما وقعت حالًا من ضمير {وقد كفروا} كان إخراج الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين في تلك الحالة عملًا فظيعًا، فأريد استحضار صورة ذلك الإِخراج العظيم فظاعة اعتلالهم له.
والإِخراج أريد به: الحمل على الخروج بإتيان أسباب الخروج من تضييق على المسلمين وأذى لهم.
وأسند الإِخراج إلى ضمير العدوّ كلهم لأن جميعهم كانوا راضين بما يصدر من بعضهم من أذى المسلمين.
وربما أغْرَوا به سفهاءهم، ولذلك فالإِخراج مجاز في أسبابه، وإسناده إلى المشركين إسناد حقيقي.
وهذه الصفات بمجموعها لا تنطبق إلا على المشركين من أهل مكة ومجموعها هو علة النهي عن موادتهم.
وجيء بصيغة المضارع في قوله تعالى: {أن تؤمنوا}، لإِفادة استمرار إيمان المؤمنين وفيه إيماء إلى الثناء على المؤمنين بثباتهم على دينهم، وأنهم لم يصدهم عنه ما سبَّب لهم الخروج من بلادهم.
وقوله: {إن كنتم خرجتم جهادًا في سبيلي وابتغاء مرضاتي} شرط ذُيّل به النهي من قوله: {لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء}.
وهذا مقام يستعمل في مثله الشرطُ بمنزلة التتميم لما قبله دون قصد تعليق ما قبله بمضمون فعل الشرط، أي لا يقصد أنه إذا انتفى فعل الشرط انتفى ما عُلق عَليه كما هو الشأن في الشروط بل يقصد تأكيد الكلام الذي قبله بمضمون فعل الشرط فيكون كالتعليل لِما قبله، وإنما يؤتى به في صورة الشرط مع ثقة المتكلم بحصول مضمون فعل الشرط بحيث لا يُتوقع من السامع أن يحصل منه غيرُ مضمون فعل الشرط فتكون صيغة الشرط مرادًا بها التحذير بطريق المجاز المرسل في المركَّب لأن معنى الشرط يلزمه التردد غالبًا.
ولهذا يؤتى بمثل هذا الشرط إذا كان المتكلم واثقًا بحصول مضمونه متحققًا صحة ما يقوله قبل الشرط.
كما ذكر في (الكشاف) في قوله تعالى: {إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا إن كنا أول المؤمنين} في سورة [الشعراء: 51]، في قراءة من قرأ {إن كنا أول المؤمنين} بكسر همزة (إنْ) وهي قراءة شاذة فتكون (إن) شرطية مع أنهم متحققون أنهم أول المؤمنين فطمعوا في مغفرة خطاياهم لتحققهم أنهم أول المؤمنين، فيكون الشرط في مثله بمنزلة التعليل وتكون أداة الشرط مثل (إذْ) أو لام التعليل.
وقد يَأتِي بمثل هذا الشرط مَن يُظهر وجوب العمل على مقتضى ما حصل من فعل الشرط وأن لا يخالَف مقتضاه كقوله تعالى: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه} [الأنفال: 41] إلى قوله: {إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا} [الأنفال: 41]، أي فإيمانكم ويقينكم مما أنزلنا يوجبان أن ترضوا بصرف الغنيمة للأصناف المعيّنة من عند الله.
ومنه كثير في القرآن إذا تتبعتَ مواقعه.
ويغلب أن يكون فعل الشرط في مثله فعل كون إيذانًا بأن الشرط محقق الحصول.
وما وقع في هذه السورة من هذا القبيل فالمقصود استقرار النهي عن اتخاذ عدوّ الله أولياء وعقب بفرض شرطه موثوق بأن الذين نهوا متلبسون بمضمون فعل الشرط بلا ريب، فكان ذكر الشرط مما يزيد تأكيد الانكفاف.
ولذلك يجَاء بمثل هذا الشرط في آخر الكلام إذ هو يشبه التتميم والتذييل، وهذا من دقائق الاستعمال في الكلام البليغ.
قال في (الكشاف) في قوله تعالى: {إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها} في سورة [الفرقان: 42] و(لولا) في مثل هذا الكلام جارٍ من حيث المعنى لا من حيث الصنعة مَجرى التقييد للحكم المطلق.
وقال هنا: {إن كنتم خرجتم} متعلق بـ {لا تتخذوا} وقول النحويين في مثله على أنه شرط جوابه محذوف لدلالة ما قبله عليه.
اهـ.
يعني أن فرقًا بين كلام النحويين وبين ما اختاره هُو مِنْ جَعْله متعلقًا بـ {لا تتخذوا} فإنه جعل جواب الشرط غير منوي.
قلت: فينبغي أن يعد كلامه من فروق استعمال الشروط مثل فروق الخبر وفروق الحال المبوب لكليهما في كتاب (دلائل الإِعجاز).
وكلام النحاة جرى على غالب أحوال الشروط التي تتأخر عن جوابها نحو: اقبَل شفاعة فلان إنْ شَفِع عندك، وينبغي أن يتطلب لتقديم ما يدل على الجواب المحذوف إذَا حذف نكتة في غير ما جرى على استعمال الشرط بمنزلة التذييل والتتميم.
وأداة الشرط في مثله تشبه {إنْ} الوصلية و(لو) الوصلية، ولذلك قال في (الكشاف) هنا: إن جملة {إن كنتم خرجتم} متعلقة بـ {لا تتخذوا} يعني تعلقَ الحال بعاملها، أي والحال حالُ خروجكم في سبيل الله وابتغائكم مَرضاتَه بناء على أن شرط {إن}.
و(لو) الوصليّتين يعتبر حالًا.
ولا يعكر عليه أن شرطهما يقترن بواو الحال لأن ابن جنّي والزمخشري سوّغا خلوَّ الحال في مثله عن الواو والاستعمال يشهد لهما.
والمعنى: لا يقع منكم اتخاذ عدوي وعدوكم أولياء ومودّتهم، مع أنهم كفروا بما جاءكم من الحق، وأخرجوكم لأجل إيمانكم.
إن كنتم خرجتم من بلادكم جهادًا في سبيلي وابتغاءَ مرضاتي، فكيف تُوالون من أخرجوكم وكان إخراجهم إياكم لأجلي وأنا ربكم.
والمراد بالخروج في قوله: {إن كنتم خرجتم} الخروج من مكة مهاجَرة إلى المدينة.
فالخطاب خاص بالمهاجرين على طريقة تخصيص العموم في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} روعي في هذا التخصيص قرينة سبب نزول الآية على حادث حاطب بن أبي بلتعة.
و{جهادًا}، و{ابتغاءَ مرضاتي} مصدران منصوبان على المفعول لأجله.
{مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بالمودة وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ}.
يجوز أن تكون الجملة بيانًا لجملة {تلقون إليهم بالمودة}، أو بدل اشتمال منها فإن الإسرار إليهم بالمودة مما اشتمل عليه الإِلقاء إليهم بالمودة.
والخبر مستعمل في التوبيخ والتعجيب، فالتوبيخ مستفاد من إيقاع الخبر عقب النهي المتقدم، والتعجيب مستفاد من تعقيبه بجملة {وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم}، أي كيف تظنون أن إسراركم إليهم يخفى علينا ولا نطلع عليه رسولنا.
والإِسرار: التحدث والإِخبار سرًا.
ومفعول {تسرون} يجوز أن يكون محذوفًا يدل عليه السياق، أي تخبرونهم أحوال المسلمين سرًا.
وجيء بصيغة المضارع لتصوير حالة الإِسرار إليه تفظيعًا لها.
والباء في {بالمودة} للسببية، أي تخبرونهم سرًا بسبب المودة أي بسبب طلب المودة لهم كما هو في قضية كتاب حاطب.
ويجوز أن يكون {بالمودة} في محل المفعول لفعل {تسرون} والباءُ زائدةً لتأكيد المفعولية كالباء في قوله تعالى: {وامسحوا برؤوسكم} [المائدة: 6].
وجملة {وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم} في موضع الحال من ضمير {تسرون} أو مُعترضةٌ، والواو اعتراضية.
وهذا مناط التعجيب من فعل المعرَّض به وهو حَاطب بن أبي بلتعة.
وتقديم الإِخفاء لأنه المناسب لقوله: {وأنا أعلم}.
ولموافقته للقصة.
و{أعلم} اسم تفضيل والمفضل عليه معلوم من قوله: {تسرون إليهم} فالتقدير: أعلم منهم ومنكم بما أخفيتم وما أعلنتم.
والباء متعلقة باسم التفضيل وهي بمعنى المصاحبة.
{أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ}.
عطف على جملة النهي في قوله تعالى: {لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء}، عُطف على النهي التوعدُ على عدم الانتهاء بأن من لم ينته عما نُهي عنه هو ضالّ عن الهُدَى.
وضمير الغيبة في {يفعله} عائد إلى الاتخاذ المفهوم من فعل {لا تتخذوا عدوي} أي ومن يفعل ذلك بعد هذا النهي والتحذير فهو قد ضلّ عن سواء السبيل.
و{سواء السبيل} مستعار لأعمال الصلاح والهُدَى لشبهها بالطريق المستوي الذي يَبلُغ من سلكه إلى بغيته ويقع من انحرف عنه في هلكة.
والمراد به هنا ضلّ عن الإِسلام وضلّ عن الرشد.
و{مَن} شرطية الفعل بعدها مستقبل وهو وعيد للذين يفعلون مثل ما فعل حاطب بعد أن بلغهم النهي والتحذير والتوبيخ والتفظيع لعمله.
{إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)}
تفيد هذه الجملة معنى التعليل لمفاد قوله تعالى: {فقد ضل سواء السبيل} [الممتحنة: 1] باعتبار بعض ما أفادته الجملة، وهو الضلال عن الرشد، فإنه قد يخفى ويظنّ أن في تطلب مودّة العدوِّ فائدة، كما هو حال المنافقين المحكي في قوله تعالى: {الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين} [النساء: 141]، فقد يُظن أن موالاتهم من الدهاء والحزم رَجاء نفعهم إن دالت لهم الدولة، فبيّن الله لهم خطأ هذا الظنّ، وأنهم إن استفادوا من مودتهم إياهم إطلاعًا على قوتهم فتأهبوا لهم وظفِروا بهم لم يكونوا ليرقبوا فيهم إلاَّ ولا ذِمّةً، وأنهم لو أخذوهم وتمكنوا منهم لكانوا أعداء لهم لأن الذي أضمر العداوة زمنًا يعسر أن ينقلب ودودًا، وذلك لشدة الحنق على ما لَقُوا من المسلمين من إبطال دين الشرك وتحقير أهله وأصنامهم.
وفعل {يكونوا} مشعر بأن عداوتهم قديمة وأنها تستمر.
والبسط: مستعار للإِكثار لما شاع من تشبيه الكثير بالواسع والطويل، وتشبيه ضده وهو القبض بضد ذلك، فبسط اليد الإِكثار من عملها.
والمراد به هنا: عمل اليد الذي يضرّ مثل الضرب والتقييد والطعن، وعمل اللسان الذي يؤذي مثل الشتم والتهكم.
ودلّ على ذلك قوله: {بالسوء}، فهو متعلق بـ {يبسطوا} الذي مفعوله {أيديهم وألسنتهم}.
وجملة {وودوا لو تكفرون} حال من ضمير {يكونوا}، والواو واو الحال، أي وهم قد وَدُّوا مِن الآن أن تَكفروا فكيف لو يأسرونكم أَليس أهم شيء عندهم حينئذٍ أن يردُّوكم كفارًا، فجملة الحال دليل على معطوفٍ مقدّر على جواب الشرط كأنه قيل: إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء إلى آخره، ويردوكم كفارًا، وليست جملة {وودوا لو تكفرون} معطوفة على جملة الجواب، لأن مَحبتهم أن يَكفر المسلمون محبة غير مقيدة بالشرط، ولذلك وقع فعل {وَدُّوا} ماضيًا ولم يقع مضارعًا مثل الأفعال الثلاثة قبله {يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا} ليُعلم أنه ليس معطوفًا على جواب الشرط.
وهذا الوجه أحسن مما في كتاب (الإِيضاح) للقزويني في بحث تقييد المسند بالشرط، إذّ استظهر أن يكون {وودوا لو تكفرون} عطفًا على جملة {إن يثقفوكم}.
ونَظّره بجملة {ثم لا يُنصرون} من قوله تعالى: {وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون} في آل عمران (111).
فإن المعطوف بـ (ثُم) فيها عطفٌ على مجموع الشرط وفعله وجوابه لا على جملة فعل الشرط.
و{لو} هنا مصدرية ففعل {تكفرون} مؤول بمصدر، أي ودُّوا كفركم.
{لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3)}
تخلص من تبيين سوء عاقبة موالاة أعداء الدّين في الحياة الدنيا، إلى بيان سوء عاقبة تلك الموالاة في الآخرة، ومناسبة حسن التخلص قوله: {وودوا لو تكفرون} [الممتحنة: 2] الدالّ على معنى: أن ودادَتهم كفركم من قبل أن يثقفوكم تنقلب إلى أن يكرهوكم على الكفر حين يثقفونكم، فلا تنفعكم ذوو أرحامكم مثل الأمهات والإِخوة الأشقاء، وللأمّ، ولا أولادكم، ولا تدفع عنكم عذاب الآخرة إن كانوا قد نفعوكم في الدنيا بصلة ذوي الأرحام ونصرة الأولاد.
فجملة {لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم} إلى آخرها مستأنفة استئنافًا بيانيًا ناشئًا عن سؤال مفروض ممن يسمع جملة {ودُّوا لو تكفرون} [الممتحنة: 2]، أي من حق ذلك أن يُسأل عن آثارِه لخطر أمرها.
وإذا كان ناشئًا عن كلام جرى مجرى التعليل لجملة {فقد ضل سواء السبيل} [الممتحنة: 1]، فهو أيضًا مفيد تعليلًا ثانيًا بحسب المعنى، ولولا إرادة الاستئناف البياني لجاءت هذه الجملة معطوفة بالواو على التي قبلها، وزاد ذلك حسنًا أن ما صدر من حاطب ابن أبي بلتعة مما عُدّ عليه هو موالاةٌ للعدوّ، وأنه اعتذر بأنه أراد أن يتخذ عند المشركين يدًا يحمون بها قرابته (أي أمه وإخوته).
ولذلك ابتدئ في نفي النفع بذكر الأرحام لموافقة قصة حاطب لأن الأم ذات رحم والإِخوة أبناؤها هم إخوته من رحمه.
وأما عطف {ولا أولادكم} فتتميم لشمول النهي قومًا لهم أبناء في مكة.
والمراد بالأرحام: ذوو الأرحام على حذف مضاف لظهور القرينة.
و{يوم القيامة} ظرف يتنازعه كلٌ من فعل {لن تنفعكم}، وفعل {يفصل بينكم}.
إذ لا يلزم تقدم العاملين على المعمول المتنازع فيه إذا كان ظرفًا لأن الظروف تتقدم على عواملها وأن أبيت هذا التنازع فقل هو ظرف {تنفعكم} واجعل لـ: {يفصل بينكم} ظرفًا محذوفًا دلّ عليه المذكور.
والفصل هنا: التفريق، وليس المراد به القضاءَ.
والمعنى: يوم القيامة يفرق بينكم وبين ذوي أرحامكم وأولادكم فريق في الجنة وفريق في السعير، قال تعالى: {يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذٍ شأن يغنيه} [عبس: 34- 37].
والمعنى: أنهم لا ينفعونكم يوم القيامة فما لكم ترفضون حقّ الله مراعاةً لهم وهم يفرّون منكم يوم اشتداد الهول، خَطَّأ رأيهم في موالاة الكفار أولًا بما يرجع إلى حال مَن والوه.
ثم خَطّاه ثانيًا بما يرجع إلى حال من استعملوا الموالاة لأجلهم، وهو تقسيم حاصر إشارة إلى أن ما أقدم عليه حاطب مِن أي جهة نظر إليه يكون خطأ وباطلًا.
وقرأ الجمهور {يفصل بينكم} ببناء {يُفصَل} للمجهول مخففًا.
وقرأه عاصم ويعقوب {يُفصِل} بالبناء الفاعل، وفاعله ضمير عائد إلى الله لعلمه من المقام، وقرأه حمزة والكسائي وخلف {يفصِّل} مشدد الصاد مكسورة مبنيًا للفاعل مبالغةً في الفصل، والفاعل ضمير يعود إلى الله المعلوم من المقام.
وقرأه ابن عامر {يُفصَّل} بضم التحتية وتشديد الصاد مفتوحة مبنيًا للنائب من فَصَّل المشدّد.
وجملة {والله بما تعملون بصير} وعيد ووعد. اهـ.